
بين هرم خوفو وحدائق بابل المعلقة وهرم الجيزة وتمثال زيوس وهيكل آرتميس وضريح موسولوس وتمثال رودس ومنارة الاسكندرية يتربع لبنان “دولة الغرائب والعجائب” بلد المتناقضات العجيب ،بلد الأمل واليأس ،الضعف والقوة، ، الأخلاق والفساد، الحياة والموت، العلم والجهل ،الحضارة والتخلف، الطائفية والوطنية ، الألم والفرح ، الفقر والغنى ،الإرادة والاستسلام.
حكامه وزعماؤه الاسطوريون من قائمة آلهة الاغريق ومن اصحاب المعتقدات والطقوس والاساطير في فولكلور حزبي وممارسات عبادة.
اما شعبه فهو من قبائل الطوائف والمذاهب والقبائل والعشائر والجماعات ومن كل هب ودب.
وطن انهكته منظومة فاسدة من صنف اكلي لحوم البشر،اما كيانه فهو يعاني من أبشع أنواع الامراض السرطانية من النواحي السياسية والمالية والاجتماعية والثقافية، وفُقد فيه الحد الأدنى من الإنسانية والاخلاق .
وعن نظامه السياسي فهو عبارة عن سوق النخاسة للبيع والشراء والمزايدات بزعم الحفاظ على الحقوق والمكاسب المذهبية وحماية المستزلمين وكل أنواع المصفقين والحرامية وناهبي المال العام والتهرب والسمسرات والرشوات.
أما الناس العاديون فلا حول لهم ولا قوة وإلى جهنم وبؤس المصير، طالما لكل متربع على كرسي زعامة قطيعه ، وأدمن على جمع الثروات أسراب من القطعان وشعراء البلاط والمسبحين الذين يغدقون عليه شتى انواع المدح والاطراء من اجل حفنة من الدنانير او طمعا بالدخول الى جنة السلطة حيث المن والسلوى أما من لا يسبح لهم فعليه تقبل الموت الرحيم او القبول والانصياع لأصحاب الأوهام الكاذبة.
إن ما نشهده اليوم على خشبة اهل الحكم هو استمرار لفيلم طويل يمول من جيوب المواطنين المنهوبة ودائعهم وبالتواطؤ مع عصابة المصارف والقضاء على جنى عمر الناس من ودائع متواضعة لهم في المصارف،في حين نجح حيتان السياسة في تهريب اموالهم للخارج غير آبهين بقوانين او قضاء،فهؤلاء كالذئاب يسرحون ويمرحون دون حسيب او رقيب ،يأكلون كل ما تبقى من حياة بكل معانيها.اما الناس العاديين فيبدو انهم دخلوا في غيبوبة طويلة ولا يجد من يسأل عنهم وعن دولتهم المقهورة .
بإختصار، فكل هذا الانهيار الكبير ،وهذا المصير الجهنمي للبنان وشعبه هو نتيجة حتمية لمسار حكم تجار السياسة والسماسرة وحكم زعماء الولايات اللبنانية غير المتحدة التي ولدت من رحم اعلان دولة لبنان الكبير ، لكن التفلت المجنون الذي نشهده اليوم فهو مزيج من حكم أصحاب السلطة والمال الذين يشكلون مع السلطة الدينية بالتكافل والتضامن اهم أدوات الاستحمار على مدار السنوات الماضية. وهنا، طبعا، لا نستثني المتربصين بأمن لبنان واستقراره وعلى رأسهم الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة عنوان الارهاب و النهب والقتل في العالم .
واخيرا.. فهذا البلد الذي غنى له وديع الصافي وفيروز ونصري شمس الدين وصباح وزكي ناصيف وماجدة الرومي وغيرهم من العمالقة الكبار لم يبلغ بعد سن الرشد السياسي ليحكم نفسه بنفسه.
بلدكم أيها اللبنانين..بات على المحك فهل من مجيب؟
الحوار المجتمعي