
عشرة اسئلة …حول مجلس الشيوخ في لبنان – د.هشام الأعور
الاصلاح السياسي
عند كل منعطف تاريخي او أي استحقاق دستوري آخر تتعطل الحياة السياسية في لبنان فتتكاثر الازمات على الشعب اللبناني مزيدة شعوره بالاحباط وكفره بالنظام والسلطة الحاكمة .اما حقيقة الأسباب فتعود برأينا إلى جملة من المعطيات الآتية:
اولاً : التدخلات الخارجية في الشوؤن الداخلية وعلى جميع المستويات لتنفيذ آجندات دولية او إقليمية لا علاقة لها بالمصلحة العليا للوطن.
ثانياً:ارتهان معظم القوى السياسية والاحزاب بمحاور إقليمية او دولية، تجعل من الصعب التلاقي داخليا حول مشروع وطني.
ثالثا : تفسيرات مختلفة لاتفاق الطائف والدستور النابع عنه.
بالطبع لا يخرج الى العلن سوى التخبط الدستوري حول مسألة الصلاحيات والهوية والاصلاحات ما يزيد الشعور بعبثية النظام السياسي وانتهاء فعاليته في حين ان الطائف هو ما ارتضاه اللبنانيون اساساً للعيش سوية والتفاعل الإيجابي فيما بينهم بعدما دفعوا اثمان باهظة من حروبهم المدمرة والعبثية.
في هذا الاطار كان ملفتاً ما صدر مؤخراً في المؤتمر الذي نظمته السفارة السعودية في لبنان في قصر الاونيسكو تعبيراً عن التمسك باتفاق الطائف والدعوات على لسان بعض المسوؤلين إلى استحداث مجلس الشيوخ اللبناني المنصوص عليه في المادة 22 من الدستور .
اليوم نقرأ بعض التفسيرات القانونية الدستورية المبطنة بالمذهبية غير المعهودة على لسان مراجع دستورية واكاديمية معترف لها بالكفاءة والعلم والشجاعة، تأتي بعد مواقف اغلبية اهل السلطة المتشددة بتفسير اتفاق الطائف حول اعادة النظر بالحصص والصلاحيات ومن ضمنها مجلس الشيوخ والمطالبة باسناد رئاسته إلى الطائفة الارثوذكسية.
هذا التحول المذهبي الطائفي في الخطاب لا يبشر بالخير بل يذكرنا باجواء سادت في فترات زمنية ماضية مشؤومة. وفي ظل هذه الظروف الخانقة يطمح اللبنانيون ان يبلغ حكام لبنان والقيادات السياسية مرحلة سن الرشد وتحررهم من القيد الطائفي و ينتظر منهم تصوراً واعداً في قيام الدولة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية ومحاربة الفساد وامكانية فعلية لمعالجة الواقع الاقتصادي وإعادة فسحة الامل في مستقبل غامض .
لكن لا خلاص ولا مستقبل خارج المؤسسات لذا لا بد لنا ودون الدخول في المهاترات والتجاذبات القاتلة ان نفهم حقيقة اتفاق الطائف الذي ارتضيناه جميعاً وتفسيراته على ضوء نية المشترع لاسيما في ما يتعلق باستحداث مجلس الشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية الى جانب مجلس نواب منتخب خارج القيد الطائفي .لذا وباختصار نطرح اسئلة عشرة على اهل الطائف وحراسه وعلى المعنيين والمهتمين وخاصة الاختصاصيين منهم في الشؤون السياسية والدستورية ،علنا نبني مفهوماً موحداً للاجتهادات والتفسيرات والتأويلات التي تعنى بهذه الثنائية المجلسية المنشودة.
١)هل جاء استحداث مجلس للشيوخ من باب التأكيد على رسالة لبنان الا وهي تلاقي وتفاعل الاسلام والمسيحية؟
٢)هل كان موضوع المشاركة في الحكم ، اي اسناد رئاسة مجلس الشيوخ الى الدروز في صلب النقاش؟
٣)هل ارتضى المشاركون في الطائف تعددية حقيقية في السلطة وادارة البلد؟ ام اتفقوا على تطبيق التعددية صوريا عبر تخلي الدروز عن مجلس الشيوخ مقابل صندوق المهجرين ؟
٤)هل اتفق نواب الطائف على انتخاب اعضاء مجلس الشيوخ حسب القانون الارثوذكسي؟
٥)هل تخلى انصار الطائف عن روح الدستور المستوحاة من دستور الجمهورية الفرنسية والذي هو عملياً اقرب الى الجمهورية الخامسة التي تقوم على نظام المجلسين ام يريدون العبور الى حكم برلماني على قاعدة نظام المجلس الواحد؟
٦)هل يريدون الانتقال الى نظام برلماني على الطريقة الانكليزية تاركين لمجلس الشيوخ في حال اقراره دوراً بروتوكولياً فقط؟
٧)هل ارتضى الدروز مجلس الشيوخ كجائزة ترضية او شيك بلا رصيد مع تعطيل اي دور لهم كطائفة كيانية كان لها الدور الاكبر في قيام دولة لبنان الكبير ؟
٨)مادا تعني فعليا القضايا المصيرية؟
٩)هل تم الاتفاق على وجوب وضع نظام داخلي لمجلس الشيوخ ؟
١٠)هل هناك بنوداً خفية قد تم الاتفاق على عدم البوح بها حرصاً على سرية المداولات؟
نحن واثقون ان الأجوبة الصريحة على هذه الأسئلة لن يوقف الجدل لكن علينا جميعاً ان نعرف حقيقة ما اتفق عليه فنحمّل ،اقله في الشق الداخلي ،المسؤولية على عاتق المخل او المستغل او المنقلب على هذا الاتفاق وبالتالي المسبب الفعلي في التخبط الداخلي والمساهم الرئيسي في ظهور دعوات التقسيم والطلاق تمهيدا للفيدرالية.
الحوار المجتمعي