
يوم اهتزاز القضاء في لبنان – الدكتور هشام الأعور
انفجار مرفا بيروت
يبدو ان العواصف التي هزت بنيان الكيان اللبناني قد وصلت تداعياتها اخيرا إلى القضاء عبر الاشتباك الحاد بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي طارق البيطار في ملف انفجار مرفأ بيروت.
فقد أثار قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات المفاجئ بإخلاء سبيل جميع الموقوفين في قضية إنفجار المرفأ، ومنع المحقق العدلي طارق البيطار من السفر، بلبلة قانونية لم يشهد لبنان مثيلاً لها، ليعلّق البيطار بالقول: “إن أي تجاوب من قبل القوى الامنية مع قرار النائب العام التمييزي باخلاء سبيل الموقوفين سيكون بمثابة انقلاب على القانون”.
نحن امام “عصفورية قضائية” بعد ان تحول قصر العدل في بيروت إلى متاريس محاطة باسوار تفصل بين معسكرين يحظى كل منهما بتغطية سياسية لاطلاق النظريات الاجتهادية والمعاهدات والدراسات والبيانات الاعلامية ومن يدفع ثمنها العدالة التي هجرت العدلية منذ زمن بعيد.
لا نريد الدخول في السجال القانوني المحشو ببارود السياسة ،فالفريقان يتسلحان بإجتهادات ونصوص معاهدات في محاولة واضحة من كل منهما لتسجيل الاهداف والنقاط في مرمى الفريق الآخر.ولكن ما يجري حاليا هو فوضى لم نشهد مثيلاً لها في تاريخ القضاء اللبناني، وهو دليل قاطع على أن هذا القضاء اصبح عاجزاً عن إستكمال التحقيقات الامر الذي يفتح الباب واسعاً أمام المطالبين بلجنة تقصي حقائق دولية وبقضاء دولي للوصول إلى الحقيقة بعد ان انعدمت امكانية التفاهم بسبب هذا الخلاف المستحكم بين محقق عدلي ونائب عام تمييزي وكله على حساب كشف حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الأسود من الرابع من آب ٢٠٢٠.
اذا، وبدلا من تحقيق العدالة تحولت قضية المرفأ إلى إفتعال ضجة سياسية، وتسعير الخلافات القضائية، وتعطيل التحقيق بطريقة غير مباشرة ، و ردود الفعل العنيفة التي صدرت دون سابق إنذار، ولا من خلال التنسيق في الحد الأدنى على خطوط التماس بين عويدات -البيطار.