
إلى طاولة حوار مرتقبة.. مع غياب الرؤية الموحدة – د.هشام الأعور
اتفاق الطائف
تعود جذور الازمة اللبنانية والاضطرابات المتتالية لها إلى أسباب جوهرية تتعلق ببنية النظام السياسي والأنقسام حول مفهوم الهوية الوطنية وعدم الاتفاق على دور لبنان وموقعه في المنطقة ناهيك عن قابلية مختلف القوى الداخلية للإنخراط في المشاريع الخارجية وان كان ذلك على حساب الوحدة الداخلية الأمر الذي يجعل من السيادة الوطنية وجهة نظر و محور خلاف ومحل انقسام بين أبناء الوطن الواحد وتبادل الاتهامات في ما بينهم بالتبعية او التخوين.
هذا الواقع يبرر إرتباط العلة اللبنانية ومعالجتها بالمسكنات من الخارج فإما أن نكون ساحة لتبادل الرسائل بين الدول التي تجد لها موطأ قدم على الموزاييك اللبناني؛ أو فسحة استقرار ورخاء حالما يستقر الوضع الإقليمي والدولي على توازن ما.
من هنا كان الإهتمام عند اللبنانيين بما يجري من صراعات وتطورات على صعيد المنطقة خاصة في سوريا والعراق وفلسطين المحتلة لمعرفة ما ستحمله الأيام القادمة من معالم لمستقبل بلدهم على وقع رسم خرائط ومناطق نفوذ جديدة او مختلطة في العالم والتي تطل من وراء غبار الحرب المندلعة بين روسيا واوكرانيا.
ربما ما يحصل اليوم في المنطقة هو الذي سرّع في الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى اعادة أحياء طاولة التفاوض والحوار بعد ان دخلت معادلات جديدة على الازمة اللبنانية وفي طليعتها عدم قدرة اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بفعل التعطيل الخارجي وتضاؤل الفرص بتشكيل حكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في فترة الشغور الرئاسي ناهيك عن ملف ترسيم الحدود بين لبنان و”اسرائيل” والذي أرسى معادلة وتوازن جديدين والإستقرار في لبنان رهن بهذا الواقع.
تكثر التكهنات حول مستقبل اتفاق الطائف وتداعياته على لبنان من جهة تزايد المشاريع الداخلية التي تتطوع لايجاد حلول للأزمة على مستوى المشاركة السياسية في الحكم وتحديد موقع لبنان ودوره في المنطقة والتي تتراوح بين فكرة “الحياد” الايجابي الذي طرحته بكركي ومشروع “الفيدرالية” كنوع من الطلاق الداخلي بين المكونات اللبنانية والتي جاهرت به بعض الأحزاب السياسية وخيار الدولة المركزية التي مازالت تشكل الخيار الأنسب عند شريحة واسعة من اللبنانيين كعامل أساسي لإستعادة الإستقرار إلى لبنان.
وهنا يطرح السؤال ما هو موقف اللبنانيين من أي تسوية أو عقد اجتماعي جديد يتم التوصل إليه ومن الطبيعي الخشية من أن تأتي أي معادلة سياسية على حساب إرادة اللبنانيين في غياب أي تصور أو رؤية موحدة تعبر عنها المكونات الاجتماعية في لبنان.
لا بد هنا من العودة الى الأساسيات الى ثوابت الهوية اللبنانية؛ والتمسك بصيغة اتفاق الطائف التي أكدت على لبنان ذات الوجه العربي وعلى عمق المشروع الوطني اللبناني كجسر تواصل بين الشرق والغرب؛وطن ذات مشروع تعددي وديمقراطي ،بلد الحريات و حاميها وراعي الأقليات بخصوصياتها،حر و مستقل رافض لكل اشكال و أنواع الوصاية؛ وحضارياً البلد الوحيد في الشرق حيث تشارك الطوائف المسيحية بالسلطة بالمناصفة.
عملياً كل هذا يحمله اتفاق الطائف فلنقرأه بإنفتاح ودون خلفيات؛ وان نسارع لاستكمال تطبيقه قبل تحميله ما لا يحتمل؛ عله يحمينا من إنجاز التسويات والصفقات التي تحصل في الكواليس بين القناصل والتي غالبا ما تكون على حساب الوطن والمواطن.
الحوار المجتمعي.